فصل: تفسير الآية رقم (50):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: محاسن التأويل



.تفسير الآية رقم (50):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} [50].
{فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً} أي: أن يوصوا في شيء من أمورهم توصية: {وَلَا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ} أي: لا يقدرون على الرجوع إلى أهليهم، ليروا حالهم، بل يموتون حيث تفجؤهم الصيحة.

.تفسير الآية رقم (51):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ} [51].
{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ} أي: للبعث: {فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ} أي: من القبور: {إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ} أي: يعدون مسرعين، كما في قوله تعالى: {يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعاً} [المعارج: 43]، ولا منافاة بين هذا وما في آية: {فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ} [الزمر: 68]؛ لأنهما في زمان واحد متقارب.

.تفسير الآية رقم (52):

القول في تأويل قوله تعالى: {قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} [52].
{قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا} أي: رقادنا أو مكانه. فيقال لهم: {هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ} أي: المخبرون عن ذلك الوعد.

.تفسير الآية رقم (53):

القول في تأويل قوله تعالى: {إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} [53].
{إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ} أي: بمجرد تلك الصيحة. وفي كل ذلك تهوين أمر البعث والحشر، عليه تعالى.

.تفسير الآيات (54- 55):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ} [54- 55].
{فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ} أي متنعمون متلذذون، وفي تنكير: {شُغُلٍ} تعظيم ما هم فيه وتفخيمه.

.تفسير الآيات (56- 57):

القول في تأويل قوله تعالى: {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ} [56- 57].
{هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ} أي: في ظلال الأشجار، أو في مأمن من الحرور: {عَلَى الْأَرَائِكِ} أي: السرر المزينة: {مُتَّكِؤُونَ لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ}.

.تفسير الآية رقم (58):

القول في تأويل قوله تعالى: {سَلَامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} [58].
{سَلَامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ} أي: ولهم سلام يقال لهم قولاً كائناً منه تعالى. فيكون: {سَلامٌ} مبتدأ محذوف الخبر، أو هو يدل من: {مَّا} أو خبر محذوف، أي: هو سلام، أو مبتدأ خبره الناصب لـ: {قَوْلاً} أي: سلام يقال لهم قولاً، أو مبتدأ وخبره: {مّنْ رَّبٍ} و{قَوْلاً} مصدر مؤكد لمضمون الجملة، وهو مع عامله معترض بين المبتدأ والخبر. والمعنى إنه تعالى يسلم عليهم تعظيماً لهم، كقوله: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ} [الأحزاب: 44].

.تفسير الآية رقم (59):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} [59].
{وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} أي: عن المؤمنين في موقفهم. كقوله تعالى: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ} [يونس: 28]. وقوله: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ} [الروم: 14] {يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ} [الروم: 43]، أي: يصيرون صدعين فرقتين: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 22- 23].

.تفسير الآية رقم (60):

القول في تأويل قوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [60].
{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} تقريع منه تعالى للكفرة، يقال لهم إلزاماً للحجة. وعهده تعالى إليهم هو ميثاق الفطرة. كما قاله القاشاني. أو ما نصبه لهم من الحجج العقلية، والسمعية، الآمرة بعبادته وحده ونبذ عبادة غيره.

.تفسير الآية رقم (61):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} [61].
{وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} أي: وإن أفردوني بالعبادة فإنه السبيل السوي. وفي تنكيره إشعار بأنه صراط بليغ في استقامته، جامع لكل ما يجب أن يكون عليه، وأصل لمرتبة يقصر عنها التوصيف، فالتنوين للتعظيم.

.تفسير الآية رقم (62):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} [62].
{وَلَقَدْ أَضلَّ} أي: الشيطان وأغوى بالشرك: {مِنكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً} أي: خلقاً كثيراً قبلكم. فحاق بهم سوء العذاب: {أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ} أي: من أولي العقل. إنكار لأن يكونوا منهم، وقد قامت البراهين والإنذارات.

.تفسير الآيات (63- 64):

القول في تأويل قوله تعالى: {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ} [63- 64].
{هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ} أي: ذوقوا حرها اليوم بكفركم في الدنيا.

.تفسير الآية رقم (65):

القول في تأويل قوله تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [65].
{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} أي: عندما يجحدون ما اجترموه في الدنيا، ويحلفون ما فعلوه، فيختم الله على أفواههم، ويستنطق جوارحهم، قال الرازي: وفي الختم على الأفواه وجوه، أقواها أن الله يسكت ألسنتهم فلا ينطقون بها، وينطق جوارحهم فتشهد عليهم، وإنه في قدرة الله يسير، أما الإسكات فلا خفاء فيه، وأما الإنطاق فلأن اللسان عضو متحرك بحركة مخصوصة. فكما جاز تحركه بها، جاز تحرك غيره بمثلها، والله قادر على الممكنات. والوجه الآخر، أنهم لا يتكلمون بشيء؛ لانقطاع أعذارهم وانتهاك أستارهم، فيقفون ناكسي الرؤوس وقوف القنوط اليؤوس، لا يجد عذراً فيعتذر، ولا مجال توبة فيستغفر، وتكلم الأيدي ظهور الأمور بحيث لا يسع معه الإنكار، حتى تنطق به الأيدي والأبصار. كما يقول القائل: الحيطان تبكي على صاحب الدار. إشارة إلى ظهور الحزن، والأول صحيح. انتهى. أي: لإمكانه وعدم استحالته، فلا تتعذر الحقيقة. ويؤيده آية: {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [فصلت: 21].
ومن لطائف بعض أدباء العصر ما نظمه في الفونغراف، مستشهداً به في ذلك، فقال:
يَنْطِقُ الْفُوْنُغْرَاْفُ لَنَاْ دَلِيْلٌ ** عَلَىْ نُطْقِ الْجَوَاْرِحِ وَالْجَمَاْدِ

وَفِيْهِ لِكُلِّ ذِيْ نَظَرٍ مِثَاْلٌ ** عَلَىْ بَدْءِ الْخَلِيْقَةِ وَالْمَعَاْدِ

يُدِيْرُ شُؤُوْنَهُ فَرْدٌ بِصُوْرٍ بِهِ ** الْأَصْوَاْتُ تَجْرِيْ كَالْمِدَاْدِ

فَيَثْبِتُ رَسْمَهَا قَلَمٌ بِلَوْحٍ ** عَلَىْ وِفْقِ الْمَشِيْئَةِ وَالْمُرَاْدِ

وَبَعْدَ فَرَاْغِهَا تَمْضِيْ كَبَرْقٍ ** وَلَاْ أَثَرَ لَهَاْ فِيْ الكَوْنِ بَاْدِيْ

تَظُنُّ بِأَنَّهَاْ ذَهَبَتْ جُفَاْءٌ ** كَمَاْ ذَهَبَتْ بِرِيْحٍ قَوْمُ عَاْدِ

وَأَحْلَىْ رَنَّهَاْ فِيْهِ لِتَبْقَىْ ** كَأَرْوَاْحٍ تَجَرَّدَ عَنْ مُوَاْدِّ

مَتَىْ شَاْءَ الْمُدِيْرُ لَهَاْ مَعَاْداً ** وَرَاْمَ ظُهُوْرُهَا فِيْ كُلِّ نَاْدِ

يُدِيْرُ الصُّوَرُ بِالْآَلَاْتِ قَسْراً ** فَيَنْشُرُ مَيِّتَهَا بَعْدَ الرُّقُاَدِ

وَهَذِيْ آَلَةٌ مِنْ صُنْعِ عَبْدٍ ** فَكَيْفَ بِصُنْعِ خَلَّاْقِ الْعِبَاْدِ؟

تَبَاْرَكَ مَنْ يُعِيْدُ الْخَلْقَ طَرّاً ** بِنَفْخَةٍ صُوْرُهُ يَوْمَ التَّنَاْدِ.

.تفسير الآية رقم (66):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} [66].
{وَلَوْ نَشَاء لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ} أي: لو شاء تعالى، لمسح أعينهم. فلو راموا أن يستبقوا إلى الطريق المسلوك لهم لم يقدروا، لعماهم.

.تفسير الآية رقم (67):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيّاً وَلَا يَرْجِعُونَ} [67].
{وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ} أي: بتغيير صورهم وإبطال قواهم: {عَلَى مَكَانَتِهِمْ} أي: مكانهم: {فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيّاً} أي: ذهاباً: {وَلَا يَرْجِعُونَ} أي: ولا رجوعاً، أي: أنهم لا يقدرون على مفارقة مكانهم. فوضع الفعل موضعه للفواصل. وإذا كان بمعنى: لا يرجعون عن تكذيبهم، فهو معطوف على جملة: ما استطاعوا. والمراد أنهم بكفرهم ونقضهم ما عهد إليهم، أحقّاء بأن يفعل بهم ذلك. لكنا لم نفعل لشمول الرحمة، واقتضاء لحكمه إمهالهم.

.تفسير الآية رقم (68):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ} [68].
{وَمَنْ نُعَمِّرْهُ} أي: نطل عمره: {نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ} أي: بتناقض قواه وضعف بنيته حتى يرجع في حال شبيهة بحال الصبي في ضعف جسده وقلة عقله وخلوّه من العلم، كما قال عز وجل: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مَنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً} [الحج: 5]، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ} [التين: 5] {أَفَلَا يَعْقِلُونَ} أي: من قدر على ذلك، قدر على الطمس والمسخ، وأن يفعل ما يشاء.

.تفسير الآية رقم (69):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ} [69].
{وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ} أي: حتى يأتي بشعر. وهذا رد لقولهم أنه صلوات الله عليه شاعر أتى بشعر. قاسوه على من يشعر بقراءة الدواوين وكثرة حفظها، وكيف يشابه ما نزل عليه الشعر، وليس منه لا لفظاً؛ لعدم وزنه وتقفيته، ولا معنىً؛ لأن الشعر تخيلات، وهذا حكم، وعقائد، وشرائع، وحقائق.
{وَمَا يَنبَغِي لَهُ} أي: وما يصح لمقامه؛ لأن منزل النبوة والرسالة يتسامى عن الشعر وقرضه؛ لما يرمي به الشعراء كثيراً من الكذب، والمين، ومجافاة مقاعد الحقيقة، ولذا قال تعالى: {إِنْ هُوَ} أي: القرآن الذي يتلوه: {إِلَّا ذِكْرٌ} أي: عظة وإرشاد منه تعالى: {وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ} أي: كتاب سماوي بين أمره وحقائقه، فلا مناسبة بينه وبين الشعر بوجه ما.

.تفسير الآية رقم (70):

القول في تأويل قوله تعالى: {لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ} [70].
{لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً} أي: عاقلاً متأملاً؛ لأن الغافل كالميت: {وَيَحِقَّ الْقَوْلُ} أي: وتجب كلمة العذاب: {عَلَى الْكَافِرِينَ} أي: المعرضين عن اتباعه.

.تفسير الآية رقم (71):

القول في تأويل قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ} [71].
{أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} أي: مما تولينا نحن خلقه، لم يقدر على إحداثه غيرنا {أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ} أي: متصرفون فيها تصرف الملاك، أو ضابطون قاهرون لها كما قال:
أَصْبَحْتُ لَاْ أَحْمِلُ السِّلَاْحَ وَلَاْ** أَمْلِكُ رَاسَ الْبَعِيْرِ إِنْ نَفَرَا

.تفسير الآية رقم (72):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} [72].
{وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ} أي: صيّرناها منقادة غير وحشية: {فَمِنْهَا رَكُوبُهُمْ} أي: مركوبهم {وَمِنْهَا يَأْكُلُونَ} أي: ينتفعون بأكل لحمه.

.تفسير الآية رقم (73):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلَا يَشْكُرُونَ} [73].
{وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ} أي: من الجلود، والأصواف، والأوبار: {وَمَشَارِبُ} أي: من ألبانها: {أَفَلَا يَشْكُرُونَ} أي: فيعبدوا المنعم بأصناف هذه النعم الجسيمة.

.تفسير الآية رقم (74):

القول في تأويل قوله تعالى: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ} [74].
{وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنصَرُونَ} أي: ينصرونهم فيما نابهم من الكوارث.

.تفسير الآية رقم (75):

القول في تأويل قوله تعالى: {لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُندٌ مُّحْضَرُونَ} [75].
{لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ} أي: لآلهتهم: {جُندٌ مُّحْضَرُونَ} أي: مُعدّون لخدمتهم والذب عنهم، فمن أين لهم أن ينصرونهم، وهم على تلك الحال من العجز والضعف؟ أي: بل الأمر بالعكس. وقيل: المعنى محضرون على أثرهم في النار، وجعْلُهم- على هذا- جنداً، تهكمٌ واستهزاءٌ. وكذا لام: {لَهُمْ} الدالة على النفع.

.تفسير الآية رقم (76):

القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} [76].
{فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} أي: في الله تعالى بالإلحاد والشرك. أو في حقك بالتكذيب والإيذاء: {إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} أي: فنجازيهم عليه. كنى عن مجازاتهم بعلمه تعالى، للزومه له؛ إذ علم الملك القادر بما جرى من عدوه الكافر، مقتضٍ لمجازاته وانتقامه. وتقديم السر، لبيان إحاطة علمه تعالى بحيث يستوي السر عنده والعلانية. أو للإشارة إلى الاهتمام بإصلاح الباطن، فإنه ملاك الأمر.